العالم العربي أحد أكثر المناطق عرضة للتغير المناخي ضرب عواصف ترابية العراق.. وتحدث سيول عاتية دمارا في المملكة العربية السعودية واليمن..
وارتفاع منسوب البحر يسبب تآكل الساحل في مصر.. الطقس
الأكثر حرارة
وجفافا يزيد من مشكلة ندرة المياه في الشرق الأوسط وهي أصلا واحدة من أكثر مناطق العالم تعطشا للمياه.
ي
عاني العالم العربي بالفعل من تداعيات تتوافق مع توقعات التغير المناخي. ورغم أن العلماء يحذرون من الربط بين أحداث معينةوارتفاع حرارة الأرض فإنهم يحثون الحكومات العربية على اتخاذ خطوات الآن للوقاية من كوارث محتملة.
وهناك فروق هائلة من حيث نصيب الفرد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في أنحاء المنطقة مع وجود النسب الأعلى في
عدد من الدول المنتجة للنفط والغاز. وأظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أن قطر سجلت أعلى نصيب للفرد من الانبعاثات والذي بلغ
56.2 طن من ثاني أكسيد الكربون عام 2006 في حين أن نصيب الفرد في مصر 2.25 طن فقط.
وفي حين أن المنطقة ككل لم تساهم بصورة كبيرة نسبيا في الانبعاثات التراكمية للغازات المسببة للاحتباس الحراري فإنها واحدة
من أكثر المناطق عرضة للتغير المناخي كما أن الانبعاثات في تزايد.
وقال محمد العشري وهو رئيس سابق لصندوق البيئة العالمية إن عدم اتخاذ أي خطوات ليس خيارا مطروحا. ويقدم الصندوق المساعدة
للدول النامية في قضايا المناخ وغيرها من قضايا البيئة.
وقال لرويترز "من طبيعة البشر الانتظار حتى حدوث أزمة حتى يبدأ التحرك... لن يكون من الملائم الانتظار حتى تحدث كارثة هائلة
حقا يعاني فيها أعداد كبيرة من الناس بلا داع."
كما ستساعد إجراءات لمواجهة المشكلات البيئية في المنطقة على التعامل مع اثار مستقبلية لارتفاع حرارة الأرض.
وقال العشري "لنقل أن التعامل مع قضايا المياه سيكون له فائدة مزدوجة تكمن في الاستجابة لقضايا التغير المناخي وأيضا
معالجة المشكلات الناجمة عن النمو السكاني وسوء الإدارة والضعف الشديد للمؤسسات المعنية بالمياه."
وجاء في بحث لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن عدد سكان العالم العربي زاد ثلاثة أمثال إلى 360 مليون نسمة منذ عام 1970 وسيرتفع إلى نحو 600 مليون بحلول عام 2050 .
ويقول البحث "في منطقة هي عرضة أصلا للكثير من الضغوط غير المرتبطة بالمناخ فإن التغير المناخي وآثاره المادية المحتملة الاجتماعية والاقتصادية سيزيد على الارجح من تفاقم هذا الضعف مما
يؤدي إلى عدم استقرار على نطاق واسع" مضيفا أن الفقراء والفئات
الضعيفة هي الاكثر معاناة.
وتمثل ندرة المياه أكبر التحديات. فبحلول عام 2015 سيكون نصيب الفرد في العالم العربي أقل من
500 متر مكعب من المياه سنويا وهو مستوى يوصف بأنه ندرة حادة مقابل متوسط عالمي يزيد على 6000 متر مكعب للفرد.
وجاء هذا التحذير في تقرير أصدره الأسبوع الماضي المنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي قال إن إمدادات المياه في المنطقة
تراجعت إلى ربع مستويات عام 1960 .
وسيزيد التغير المناخي من شدة الأزمة في منطقة ربما ترتفع فيها الحرارة بواقع درجتين مئويتين خلال الفترة القادمة التي تترواح بين 15
و20 عاما وأكثر من أربع درجات مئوية بحلول نهاية القرن طبقا لبيانات اللجنة الحكومية للتغير المناخي.وتظهر أرقام هذه اللجنة التي وردت في بحث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن العالم العربي شهد ارتفاعا غير متساو في حرارة الهواء
السطحي تراوح بين 0.2 درجة و2 درجة مئوية بين عامي 1974 و2004 .
وتمثل ندرة المياه وارتفاع مناسيب البحر حقيقة لكن وعي الشعوب في العالم العربي محدود جدا.
وقال نجيب صعب الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية "ما زال الناس غير واعين بتلك الآثار... عندما تتحدث عن التغير
المناخي يعتقدون أن الأثر سيحدث على القمر أو في بلاد أخرى."
واستشهد بصور بالأقمار الصناعية من مركز الاستشعار عن بعد التابع لجامعة بوسطن تظهر أن ارتفاعا في منسوب البحر مترا واحدا
سيؤثر على 42 ألف كيلومتر مربع من أراضي الدول العربية وهي مساحة تزيد أربعة أمثال عن حجم لبنان كما ستؤثر على 3.2 في
المئة من سكان الدول العربية مقارنة مع 1.28 في المئة على مستوى العالم.
وأردف قائلا "أظهرت دراستنا أنه خلال هذا القرن ستفقد منطقة الهلال الخصيب (الممتدة عبر العراق وسوريا ولبنان والأردن واسرائيل
والأراضي الفلسطينية) كل مؤشرات الخصوبة إذا استمر الوضع على ما هو عليه حاليا."
ويأخذ الزعماء العرب قضية المياه على محمل الجد -حتى وإن كان دافعهم وراء هذا هو القلق على مستقبلهم السياسي- لكنهم دائما
ما يتركون شؤون التغير المناخي لوزرائهم.
وقال حبيب الحبر المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة "عادة ما يكون وزراء البيئة هم الأضعف في تلك الدول... السياسات
موجودة لكن كثيرا ما نرى افتقارا إلى تطبيق أو تنفيذ للقانون."
وفي منطقة معرضة للصراعات وتديرها حكومات غير قابلة للمحاسبة بصورة كبيرة ونخبة تخدم مصالحها تؤدي المشكلات السياسية إلى جعل قضايا التغير المناخي وغيرها من القضايا الاجتماعية تتذيل
قائمة الأولويات ولكن دولا مثل تونس والأردن وسلطنة عمان أكثر نشاطا من غيرها.
وفي حين أن الأحوال الجوية تختلف في أنحاء العالم العربي فإن تراجع موارد المياه عادة ما يقابله زيادة غير متوازنة في أعداد
السكان.
ويقول تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية إن واردات المياه "الافتراضية" في صورة مواد غذائية وبضائع أخرى بلغت ما
يعادل خمسة آلاف متر مكعب من المياه للفرد. وقد ودعت أغلب الدول العربية مبدأ الاكتفاء الذاتي في الغذاء منذ زمن طويل.
وفي بعض الدول أجبرت أحوال الطقس وندرة المياه أعدادا كبيرة من السكان في دول عربية على ترك منازلهم.
وتسببت موجة جفاف بدأت عام 2007 -والتي زادت حدة من خلال الزراعة المكثفة للمحاصيل التي تدر دخلا كبيرا والمدعومة حكوميا- في
نزوح مئات الآلاف من السكان عن شرق سوريا. وفي اليمن تدفع ندرة المياه الكثير من المزارعين للتخلي عن أراضيهم والتوجه إلى المدن مما
أدى إلى ارتفاع النمو السكاني السنوي في العاصمة صنعاء إلى ثمانية في المئة.
وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن الهجرة عبر الحدود ربما تزيد حدة نتيجة التوزيع غير المتكافيء للنفط وغيره من الموارد في منطقة
تضم دويلات ثرية وكذلك دولا ذات عدد كبير من السكان مثل مصر التي يقل دخل خمس أفراد سكانها البالغ عددهم 79 مليون نسمة عن دولار
يوميا.
وقال العشري "هناك توقعات سيئة متعلقة بالتغير المناخي والمياه والكثير من المسائل... يمكن الحد من كل هذا بالتخطيط."
وعندما سئل عن النصيحة التي يوجهها للزعماء العرب أجاب " الوضع ليس ميئوسا منه.. لكن لابد من البدء الآن وإلا فإنه بعد 10
سنوات من الآن سيكون الوضع أسوأ لأن عدد السكان سيرتفع وستقل الموارد وستزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء."