كيفية إعداد برامج اثرائية للطلاب الموهوبين
إن برامج رعاية الطلبة المتفوقين والموهوبين قد لا تنتج بالضرورة مخترعين ، وقادة ، ومفكرين قادرين على تغيير موازين الأرض ، لكنها ( في رأيي المتواضع ) قد تضمن توفير البيئة التعليمية المناسبة لتنمية قدرات الفرد ومواهبه . وبخاصة إن كانت معدة إعداداً جيداً ، ومتكاملاً ، ومنسقاً ، فالبرامج ذات الإدارة غير المؤهلة لا توفر البيئة التعليمية المناسبة لتنمية القدرات الفردية ، والميول الشخصية ، مما يسبب إحباطا للفرد وتوقفا لطموحه ، واكتفائه باكتساب الدرجة التعليمية ( إن كان متعلماً ) دون الاستفادة التامة من جميع القدرات الربانية الموهوبة له ، والعمل على تطويرها ، والاستفادة من العلوم التي تمت دراستها ، وتسخيرها فيما يرضي الله ، ورسوله ، والمؤمنون .
إن البرامج التعليمية المؤهلة في تنمية الأداء الموهوب تعمل على تأهيل وإنتاج أفراد من ذوي الصفات المحببة كارتفاع الإنجازات التعليمية ، والعلمية مرتفعة الجودة وهو ما يعرف باسم" الجودة أو النوعية في التعليم " ، ولقد انتهت نتائج العديد من الدراسات الميدانية والمسحية إلى أن طلبة برامج رعاية الموهوبين والمتفوقين من أكثر الطلبة حصولاً على شهادة التقدير ، والمنح الدراسية ، وأكثرهم انخراطا في المشاريع العلمية المتخصصة ، ومن أكثر الطلبة خبرة تطبيقية وخدمة لمجتمعهم .
كيف تبدأ برنامجا اثرائيا لرعاية الموهوبين :
أولاً: حدد تعريفا للفئة المستهدفة
إن توافر تعريف واضح ، ومعلن للجميع سيسهل عملية الخدمة ، ويوضح أساليب الانخراط للحصول على الخدمة . ويكون تحديد التعريف بعدة وسائل منها:
اللجوء إلى التعريفات العامة والمتوافرة في الأدبيات العلمية المتخصصة في رعاية الموهوبين مثل تقرير ميرلاند بالولايات المتحدة الأمريكية .
اللجوء إلى التعاريف المتخصصة ، والمتوافرة في الأدبيات ، أو لدى المؤسسات المماثلة كالأندية العلمية ، والأدبية والفنية .
ومن ناحية أخرى تلجأ بعض المؤسسات إلى وضع تعريف خاص بها يلائم وضعها السياسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي كالشركات التجارية الكبيرة .
شروط التعريف الجيد :
تعج أدبيات الموهوبين ، والمتفوقين ، والمبدعين بالكثير من التعريفات التي يؤكد أصحابها جودتها ، واستحقاقها ، وجدارتها بالثقة . والعل حاجة المؤسسة التعليمية هي أفضل سبب في تفضيل تعريف دون آخر . ومن أهم العناصر الواجب أخذها بعين الاعتبار أثناء الاختيار مايلي :
الأصالة المرجعية :وهي الجذور التي ستستقي منها خدمات الرعاية والكشف خططها.
احتياجات المجتمع /المؤسسة :إن التعريف الجيد يستجيب لاحتياجات المجتمع الآنية والمستقبلية بشكل مرن وواف دون إعاقات .
أن يعكس نتائج لأبحاث علمية وتطبيقية : يتم دعم التعريف الجيد بنتائج لأبحاث تعكس القوة العلمية والتطبيقية لإثبات صدقه وجداوه في تحقيق الهدف المنشود .
ثانياً حدود أدوات ووسائل التعرف على الطلاب :
توجد في المعامل والمختبرات النفسية العديد من المقاييس ، ويمكن تصنيفها إلى :
المقاييس الموضوعية : وهي مقاييس تعتمد على الورقة والقلم حيث يقوم المفحوص بالإجابة عن أسئلة محددة ، لقياس قدرات محددة . هذه الأسئلة قد تعتمد على قدرة الطالب على القراءة ، والكتابة ( المقاييس اللفظية ) ، أو على الملاحظة ( المقاييس غير اللفظية ) . مثل اختبارات الذكاء والإبداع والاختبارات التحصيلية .
المقاييس التقديرية : وهي مقاييس يقوم بالإجابة عنها أناس عايشوا المفحوص مثل المعلم ، وولي الأمر ، حيث يقوم بالإجابة عن بعض التساؤلات ، أو السمات التي قد نظهر على المفحوص . مثل قوائم الصفات السلوكية ، وقوائم الأداء.
الشروط الواجب توافرها في عملية الكشف الدقيقة :
1- أن تعكس الأدوات المستخدمة جميع شروط ، وعناصر التعريف المختار كاملة.
2- أن تكون عملية جمع البيانات متعددة الأساليب ( موضوعية وتقديرية ).
3- أن تكون البيانات المجموعة عن المفحوص متعددة المصادر .
4- أن تكون المقاييس متطورة ، ونابعة من البيئة المحلية .
5- أن تكون الأدوات المترجمة حديثة التقنين
ثالثاً : حدد نقطة البداية
إن أصعب ما يواجه مراكز رعاية الموهوبين هي نقطة البداية وذلك للحرص الشديد في الكمالية ، وهي سبحان الله . لذلك عليك تحديد مايلي :
التعرف على الإمكانات المتوافرة مثل :
الإمكانات البشرية : وتشمل التأهيل العلمي ، والمعرفي ، والتطبيقي إلى جانب جنس القوة البشرية المتوافرة ومدى ملاءمتها للفئة المستهدفة ( ذكورا وإناثا).
الإمكانات المالية : تشير معظم نتائج الأبحاث الميدانية في التخصص إلى أن معلم رعاية الموهوبين يقضي ثلاث أضعاف الزمن مع الطالب الموهوب مقارنة مع الطالب العادي ، وذلك لأنه يقوم بتعليم الطالب نسبة معرفية تكون محفزة لدافعيه الطالب ، الذي يتجه مباشرة إلى إثراء نفسه تحت أشراف معلمه . إن عملية عرض الدرس ( مثلا ) بطريقة مشوق ، ومحفزه لدافعيه طالب عارف لجوانب متعددة للمعرفة المعروضة ، ومنافسة لفضوله ليست بالعملية السهلة ، بل هي بحاجة إلى مستويات عليا من التخطيط ، والخبرة ، والتأهيل .
توافر المعدات : إن توافر المعدات عملية مؤرقة للعديد من المسئولين ، فيلجؤن إلى عملية توفير العديد من الأجهزة والمعدات المكلفة من حيث المال ، والمكان وقد تحتاج إلى زمن طويل للتوفير ، وقد يسبب ذلك هدراً اقتصاديا خطيرا .
إن عملية رعاية الموهوبين تختلف عن رعاية بقية شرائح المجتمع، حيث إنها تتوقف على إشباع رغبات ، واهتمامات ، وميول الموهوب كما وكيفا بهدف رفع دافعيه الطالب للعمل والاستفادة ، فتتغير الأساليب من طالب لآخر ، أما الطالب العادي ، أو ذاك صاحب الاحتياجات الخاصة الأخرى ، فتتم عملية تعليمهم بطريقة موضوعة ، محددة مسبقاً يمكن التنبؤ بها والتخطيط لها خلافا عن الموهوب . لذا فإننا نقترح عملية التكامل في توفير المعدات والخدمات .وذلك بحصر نوعيات المعدات وأماكن وجودها، وكذلك المختصين، ثم يقوم المعلم بتوجيه الطالب إلى أماكن وجودها وتوافر المعدات مع التنسيق مع الجهات المعنية . مثلاً استخدام المكتبات المتخصصة بالكليات والجامعات ، وكذلك المعامل المتخصصة حين الحاجة إليها . أو الالتقاء بالخبير عند الحاجة . وتقوم الجهة الراعية لبرامج الموهوبين باتخاذ اللازم حيال ذلك الاستخدام ( كتعويض التالف ، وتحديث المعدات القديمة ) أو تلك الاستشارة (كصرف مكافآت المشورة أو الرعاية ). تحديد الفئة المستفيدة :إننا بحاجة إلى تحديد الفئة المستفيدة ( نقصد بها هنا نقطة بداية وليست نقطة حصر ) ؛ وذلك لنتمكن من حصر الجهود اللازمة للبدء في العمل يتم بعدها التطوير والانتشار .ومن أهم العناصر التي يجب عدم إغفالها :
نوعية جنس الطلاب ( ذكور /إناث ) : كأن تبدأ المؤسسة بخدمة الطلاب الذكور لهذه السنة ، ثم تتوسع الخدمات العام القادم لتشمل الإناث ، وذلك بسبب عدم توافر خبيرات إناث (مثلا).
الصف الدراسي :كأن يتم خدمة طلاب الصف الرابع الابتد ائي هذا العام الدراسي ،وتشمل الخدمة طلاب الصفين الرابع والخامس العام القادم ، يليه في العام التالي طلاب الصفوف السادس والخامس والرابع وهكذا . إن هذا التحديد سيساعد على التخطيط ، وحشد الجهود للتنفيذ .
أخرى : قد تتعرض المؤسسة لضغوط تؤثر كثيراً على مستقبلها التربوي ، لذلك يجب إعطاء تلك المؤثرات حقها عند اتخاذ القرار، مثل تحديد الصفوف المستهدفة ، ونوعية الخدمات المقدمة وما شابه .
رابعاً :التأهيل
إن عملية تأهيل الأفراد للعمل في برامج رعاية الموهوبين غاية متجددة ومتطورة . وتشمل حقولاً منها :
عمليات الكشف : إن عملية الكشف عن الموهوبين تتم وفقا للتعريف المعتمد والذي تتم مناقشته آنفا . لذا فإننا بحاجة ماسة الى تدريب الأفراد على استخدام ، وتطبيق ، وتصحيح ، وتفسير نتائج عدد من المقاييس ( عن كل صفة مرغوبة ) بحيث تكون إحداها أساسية ، والأخرى بديلة ، ليتمكن المختص من تجنب حالات عدم الوفرة للمقاييس ، أو عدم ملاءمتها ، أو تجنب حالات الخداع في القياس (مثلا) وتشمل عمليات التأهيل ، الخلفية المعرفية ، وأساليب التطبيق ، والتصحيح ، وحصر الدرجات الخام والزائية ، وتفسير النتائج وفقا لمعايير التصحيح .
عمليات الرعاية : هذه هي الحبل العصبي لبرامج الموهوبين ، حيث يجب تدريب ، وتأهيل المختص على أساليب تفريد وتطوير وتطويع المنهج بما يلائم احتياجات ورغبات ، وميول الطالب ( فرديا أو في مجموعات صغيرة ) . إلى جانب تنمية قدرات المعلمين في أساليب التفكير ، والإبداع وحل المشكلات المختلفة .
عمليات الإرشاد : وهي مهارات متخصصة يجب تأهيل أفراد فيها ، لتقديم خدمات الرعاية النفسية ، والاجتماعية لكل من الطلبة الموهوبين ، وأسرهم ، وجميع الطاقم التربوي بالمدرسة والإداري كذلك تقديم الخدمة لأفراد المجتمع عن أساليب خدمة الموهوبين .
أهم أساليب التأهيل :
التأهيل أثناء الخدمة .
التعاقد : مع أفراد مؤهلين أو أصحاب خبرة .
الإشراف وفق قواعد متخصصة .
حضور المؤتمرات ، والمنتديات المتخصصة بشكل رئيسي ، أو فرعي.
التطوير الذاتي المستمر ، وتبادل الخبرات .
خامساً : التطبيق :
إننا بحاجة ماسة إلى وضع خطة زمنية للتطبيق ، حيث تشمل مرحلة أولية ، وأخرى متوسطة ، ومرحلة متقدمة . لقد اقترح بعض المختصين تحديد مدة زمنية لاتقل عن ثلاث سنوات لكل مرحلة ليسهل من خلالها تقييم البرنامج بشكل موضوعي . ويفضل وضع خطة التطبيق في صورتين ، الأولى كتابية والأخرى شكلية .
منقول للأمانة العلمية
__________________